منتدى راس الوادي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لو علمت الدار بمن زارها فرحت
واستبشرت ثم باست موضع القدمين
وأنشدت بلسان الحال قائلةً
اهلا وسهلاً بأهل الجود والكرم

أهلا ً وسهلا زائرنا الكريم يشرفنا أن تسجل معنا في منتدانا والتمتع معنا
منتدى راس الوادي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لو علمت الدار بمن زارها فرحت
واستبشرت ثم باست موضع القدمين
وأنشدت بلسان الحال قائلةً
اهلا وسهلاً بأهل الجود والكرم

أهلا ً وسهلا زائرنا الكريم يشرفنا أن تسجل معنا في منتدانا والتمتع معنا
منتدى راس الوادي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى راس الوادي

منتدى راس الوادي
 
الرئيسيةبوابة راس الوادأحدث الصورالتسجيلدخول
ارجو المساهمة للرقي بالمنتدى
ارجو المساهمة في النهوض بالمنتدى
رمضان كريم وكل عام وانتم بالف خير

 

 مسرحية توقف بوصلة بقلم عبدالكريم وحمان

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
منعم
المشرفين
المشرفين
منعم


عدد المساهمات : 142
تاريخ التسجيل : 31/05/2009

مسرحية توقف بوصلة بقلم عبدالكريم وحمان Empty
مُساهمةموضوع: مسرحية توقف بوصلة بقلم عبدالكريم وحمان   مسرحية توقف بوصلة بقلم عبدالكريم وحمان Icon_minitimeالسبت نوفمبر 14, 2009 11:45 pm

توقف بوصلة







بقلم

عبدالكريم وحمان





مسرحية من خمس مشاهد











الزمان : النصف الأول من القرن العشرين

المكان : مدينة لا وجود لها على أي خريطة



ملاحظة : الأحداث و الشخصيات في هذه المسرحية مجرد خيال و غير مستوحاة من ماض أو حاضر



شكر خاص للأستاذ المسرحي ميثم السعدي الذي اقترح علي عنوان المسرحية







المشهد الأول







داخل كهف في أحد الجبال النائية.

يدخل صالح و مروان و شخصين آخرين. كلهم ملثمين.

بعد دخولهم بدقيقة يدخل شخص خامس ملثم أيضا.



الشخص الخامس : الطريق آمن يا صلاح. لقد تأكدت أن لا أحد من القوات المحتلة يقتفي أثرنا.

صالح : بارك الله فيك يا عثمان. ( ينزع لثامه )



ينزع الرجال اللثام عن وجوههم

يلتفت صالح إلى أحد المقاومين



صالح : ما الأخبار يا مصطفى؟ هل استطعت الاجتماع بحبيبي و أخي المقاوم الكبير ياسين و إبلاغه رغبتي في توحيد صفوفنا لإخراج هذا العدو الغاصب من أرضنا؟

مصطفى : للأسف يا زعيم. كل الممرات المؤدية إلى المدينة المجاورة مكتظة بسدود وحواجز أقامها العدو. لا يفوتك أن أحد شبابنا المقاومين الأبطال قام بعملية فدائية منذ أسبوع كلفت العدو عشرة جنود و ضابطين. لذلك فلا يمر شخص أو حيوان إلا قام العدو بتفتيشه بشكل دقيق. و كما تعلم فوجهي مألوف عند جنود الاحتلال بعد ما قمت بسرقة شاحنة مئونة موجهة إلى معسكر العدو.

صالح : لا بأس لا بأس. لا بد من وجود وسيلة اتصال تمكننا من الاتفاق مع حبيبنا ياسين لنقوم بتوحيد صفوفنا و الانقضاض على قوات الاحتلال في عقر داره..... و ماذا لديك يا أيمن ؟ أرجو أن تكون لديك أخبار سارة.

أيمن : أجل يا زعيم. لدي أخبار ستسرك لا محالة و تسر رفقاء الدرب المتواجدون في هذا الكهف.

صالح : هات ما لديك يا أيمن.

أيمن :كما تعلم يا زعيم ، لقد تعرفت على أحد جنود الاحتلال الذين يفكرون أنه لا بد من يوم سيأتي على هذا المحتل الغاصب ويعود أدراجه و يخرج من دولتنا بدون رجعة.

صالح : أعرف هذا.... و لكن الذي أسألك عنه الآن هو كيف سنتمكن من استغلال هذا الجندي لصالحنا؟

أيمن : وهل تشك في قدراتي يا زعيم؟

صالح : حشا لله. أعرف أنك داهية زمانك.... و لولا ثقتي فيك لما كلفتك بهذه المهمة... و الآن ، أما آن الأوان لتبشرنا أين وصلت خططك لاستغلال هذا الجندي؟

أيمن : كما قلت لك يا زعيم ، الجندي الذي يفكر بهذه الطريقة آثر أن يستفيد ماديا من فترة وجود قوات بلاده فوق أراضينا. و قد أقنعته بأن يسرق من عتاد الجيش المحتل و يبيعنا إياه .... كما تعرف يا زعيم ، فنحن نحتاج لكل رصاصة لندافع بها عن بلادنا و أبنائنا.

صالح : خطة جهنمية. نقاتل العدو بسلاحه.... و لكن يا أيمن ، من أين لنا بالمال لشراء هذا السلاح و إرضاء ذلك الجندي؟

أيمن ( ساخرا ) : لا تحمل هما يا زعيم . سوف أجد سبيلا لتأمين المال. لا تنسى أننا بحاجة للسلاح و المعلومات حول معسكر و تعداد العدو.

صالح : و هل تفكر في تجنيد هذا الجندي ليصبح جاسوسا لنا؟

أيمن : طالما يلهث وراء المال، سأطيل ركضه أطول مدة للاستفادة منه.

صالح : وما نسبة المخاطرة في هذه العملية يا أيمن؟

أيمن : في الحقيقة ، هامش المخاطرة والمغامرة كبير جدا. و لم أتأكد بعد إن كان هذا الجندي يلعب لعبة مزدوجة علينا. يوهمني أنه مستعد لبيعي المعلومات و السلاح بينما هو في الحقيقة جاسوس للاحتلال للإيقاع بنا.

صالح : وهل أنت مصر على المضي قدما في هذه المغامرة؟ لو كان جاسوسا للعدو فستكون خسائرنا فادحة.

أيمن : لا تقلق يا زعيم. هذا الجندي لا يعرف شخصا آخر سواي.

صالح : وهل تعتقد أن خسارة فرد واحد من هذه المجموعة شيء هين؟ أضف إلى ذلك أنك بمثابة العقل المدبر لكل العمليات التي نقوم بها و نباغت العدو بها.

أيمن : لا تخشى شيئا يا زعيم. سأتخذ كل الاحتياطات لتفادي سقوطي في شراك العدو ، هذا إن كان فعلا ذلك الجندي جاسوسا.

صالح : كم كنت أود أن أعفيك من هذه المهمة، ولكن أعرف مدا عنادك و إصرارك على المضي قدما في مخططاتك.

أيمن : لا أطلب منك سوى شيئا واحدا يا زعيم : أن تثق بي. و إن شاء الله ستكون النتائج لصالح المقاومة.

صالح : أتمنى لك التوفيق من كل قلبي.... ( ينظر إلى ساعة يده ) لقد تأخر الوقت و يجب أن نتفرق. و موعدنا القادم سأحدده فيما بعد. اخرجوا أنتم يا رفاق الكفاح أولا. أريد أن أتحدث قليلا إلى مروان.

مصطفى و أيمن و عثمان : إلى اللقاء يا زعيم



يخفون ملامحهم باللثام و يخرجون

يبقى صالح و مروان



مروان : أرى أنك يا زعيم تثق كثيرا بأيمن. كيف لم تردعه عما هو مقدم عليه؟

صالح : لأنه و بكل بساطة عندي ثقة عمياء في أيمن و في قدراته...... و طالما انه واثق من قدرته على تجنيد ذلك الجندي ، فذلك يعني أنه فعلا لم و لن يقدم على هذا العمل إلا و هو واثق من النتيجة مائة بالمائة.

مروان : ولكن ، ألا تعتقد يا زعيم أنه يجب علينا أن نتعرف على هذا الجندي حتى نستطيع الحكم عليه؟ ربما أخطأ أيمن التقدير و ندفع الثمن غاليا.

صالح : دعنا من هذا الكلام و قل لي ما عن الهام الذي تحمله لي.

مروان ( متجاهلا كلام صالح ) : أنا لا زلت مصرا على معرفة من هو هذا الجندي و رؤيته حتى نستطيع....

صالح ( مقاطعا مروان ) : لا أريد الخوض في هذا الحديث الآن. زد على هذا أنه لو كان فعلا جاسوسا للعدو سيتمكن من التعرف على أعضاء المقاومة جميعا و بالتالي يسهل على العدو تصفيتنا واحدا واحدا. أما الآن ، فهذا الجندي لا يعرف إلا أيمن.

مروان : أنا فقط أفكر في الصالح العام للمقاومة.

صالح : أعرف هذا و أقدر خوفك... ولكن ، قل لي ما الخبر العاجل الذي تحمله لي.

مروان ( بعد صمت قصير ) : أخبار سيئة يا زعيم.

صالح : ما هذه الأخبار السيئة.

مروان : أتعرف محمود بائع الأثواب المتنقل على صهوة حماره و يصول ويجول في كل المدينة والقرى المجاورة؟

صالح : أجل. ما به؟

مروان : هو ليس بائعا متجولا عاديا. ولكنه جاسوس للاحتلال.

صالح ( فاغرا فاه ) : .....ماذا؟؟؟؟ جاسوس؟؟؟؟

مروان : أجل.... جاسوس متخفي في زي بائع متجول. يتنقل إلى قرى عديدة و ينقل الأخبار للعدو.

صالح : هل أنت متأكد من هذه المعلومة؟ فالاتهام خطير و خطير جدا. و إذا كان ما تقوله صحيحا ، فيجب علينا تصفية هذا الخائن فورا.

مروان : تعرف أنني عدت لتوي من سفر قصير إلى إحدى القرى المجاورة. و لقد رأيت محمودا هذا يدخل ثكنة عسكرية ( يفتح صالح فمه لقول شيء ما )....أرجوك دعني أكمل كلامي. تأكدت انه لم يدخل لمجرد بيع بضاعته، ولكنه دخل لمقابلة أحد قادة جيش المحتل.

صالح : هل أنت متأكد من معلوماتك؟

مروان : مائة بالمائة.

صالح ( بعد تفكير لثواني) : .... سأكلف أحدا من رجالنا بملاحقته دون أن يدري. و إذا ثبت فعلا انه جاسوس خائن ، أقسم أنه سيندم على اليوم الذي خرج فيه للوجود.

مروان : كما تشاء يا زعيم. فأنا لا أفكر إلا في المقاومة و كيفية تخليص البلاد من قبضة المحتل الغاصب.

صالح : أعرف وطنيتك و مدى استعدادك للتضحية بمالك و نفسك في سبيل الوطن.

مروان : أنا رهن إشارة المقاومة.

صالح ( بعد تردد قصير ) : هناك أمر شخصي أود أن أسألك عنه.

مروان : أنت تأمر يا زعيم و لا تسأل.

صالح : في الحقيقة.... أختي صفاء ستقيم حفل زفاف لابنتها مريم بعد شهر من الآن و أريد أن أطلب منك.... إن أمكن.... أن تقوم زوجتك إيمان بإعداد الحلويات و الطعام للمدعوين. فالجميع في المدينة يعرف أن زوجتك إيمان أفضل طباخة و الجميع يتسابق لتقوم بتهيئي كل ما يتطلبه العرس أو حفل الختان أو ولادة طفل جديد.

مروان : غالي و الطلب رخيص. ستكون زوجتي هي طباخة عرس مريم ابنة أختك صفاء.

صالح : و لا تقلق من ناحية الأجر. ستحصل زوجتك إيمان على كل ما تطلبه.

مروان : لن تأخذ إيمان أي فلس من عملها. سعادة صفاء أختك تعادل سعادتنا.

صالح : بارك الله فيك. ولكنني مصر على أن أدفع أجر إيمان. لن أسمح لنفسي أن تتعب بدون مقابل.

مروان : كما تريد يا زعيم.

صالح ( ينظر إلى ساعة يده ) : لقد تأخر الوقت و يجب أن نغادر.

مروان ( ينظر إلى ساعة يده ) : معك حق.

صالح : لنغادر إذا.

مروان : وماذا بخصوص الجاسوس محمود؟

صالح : سأطلعك على ما قررته في الاجتماع المقبل. ( يضع اللثام على وجهه ) هيا بنا.

مروان ( يضع اللثام على وجهه)



يخرج صالح و مروان





المشهد الثاني





في مكتب قائد قوات الاحتلال

هناك مكتب و خلفه علم و صورة رئيس الدولة المعتدية.



يدخل قائد قوات جيش الاحتلال و يجلس خلف مكتبه. يخرج أوراقا من درج المكتب و يبدأ في القراءة. بعد دقيقة، يسمع طرق على الباب.

يدخل جندي ، يؤدي التحية العسكرية.



الجندي : سيدي ا لقائد . سيدي أبيل يود لقائك.

القائد : قل له يتفضل.



يخرج الجندي و بعد ثوان يدخل أبيل يرتدي ملابسه العسكرية.



أبيل : مساء الخير سيدي القائد .

القائد ( ينهض من مكتبه و يقترب من أبيل ) : ما وراءك يا أبيل؟

أبيل : أخبار سيئة يا سيدي القائد.... قبض على العميل رقم 12.

القائد ( يضرب المكتب بقبضة يده ) اللعنة على هذه الأخبار المشئومة. .... و كيف تم اكتشافه و القبض عليه؟ أنه من أفضل جواسيسنا .

أبيل : خطأ بسيط دفع ثمنه غاليا. ... كنت قد طلبت منه كتابة تقرير عن العتاد العسكري الذي استلمته ما يسمى بالمقاومة الجنوبية مؤخرا. و بعد الانتهاء من التقرير، نسيه في درج من أدراج مكتبه. اطلعت عليه زوجته صدفة و هي تقوم بنفض الغبار عن المكتب فأبلغت عناصر المقاومة الذين ألقوا عليه القبض.

القائد : و بطبيعة الحال ، تحولت زوجة العميل 12 من امرأة عادية إلى بطلة قومية يحتفى بها. أليس كذلك؟

أبيل : صدقت يا سيدي. ذلك ما حصل فعلا. و قد تم الاحتفال بها في كل الحي.

القائد ( غاضبا ) : و كيف تسمح لهكذا احتفال أن يقام؟ هل تريد أن يشمت فينا أعداءنا؟

أبيل : هون عليك يا سيدي. لقد قمت بقطع الماء الصالح للشرب عن كل الحي و الأحياء المجاورة. وهم الآن ، عوض أن يقيموا الاحتفال بالبطلة ، فإنهم يركضون وراء تأمين ما يسدون به رمقهم من الماء الصالح للشرب.

القائد ( ابتسامة خبيثة على شفتيه ) : أحسنت يا أبيل. أنت تلميذ نجيب تستوعب بسرعة. كلما همت عناصر ما يسمى بالمقاومة للاحتفال بانتصار ، وجب تشتيت انتباههم إلى شيء آخر أو خلق انقسامات و شقاقات في صفوفصم.

أبيل : أنت من علمني هذه القاعدة الذكية.... و لكن السؤال الذي سيظل مطروحا الآن يا سدي القائد هو : كيف نعوض هذه الخسارة؟ أنت تعلم يا سيدي أن العميل 12 كان في منطقة حساسة و يمدنا بمعلومات قيمة عن تحركات المقاومة.

القائد ( يفكر ) :همممم..... صدقت.... سوف نرى ماذا نفعل..... ما ارجوه منك هو أن تدون على ورقة أسماء أشخاص يمكن الضغط عليهم و تهديدهم بسهولة للعمل معنا كجواسيس.

أبيل : هناك ثلاثة أو أربعة أشخاص كان العميل 12 قد اقترحهم من قبل و تجاهلنا اقتراحه.

القائد ( غاضبا ) : ماذا تقول أيها الغبي؟؟ تجاهلت اقتراحه؟؟؟ و لماذا لم تستشرني في موضوع مهم كهذا؟

أبيل ( ينظر إلى الأرض ) : كنت قد فكرت أن....

القائد ( مقاطعا أبيل ) : لا يجب عليك أن تفكر. عليك التنفيذ فقط.

أبيل ( ينظر دائما إلى الأرض في صمت )

القائد : ماذا تنتظر يا هذا؟ اذهب و أحظر لي الأسماء التي اقترحها العميل 12 لأتخذ بشأنها قرارا.

أبيل : حاضر يا سيدي. ثوان و تكون الأسماء بين يديك.



يسمع طرق على الباب



القائد : أدخل.

يدخل الجندي . يؤدي التحية العسكرية مرة أخرى



الجندي : العميل رقم 16 يطلب الإذن للمثول بين يديك سيدي القائد. يقول أن بحوزته معلومات مهمة.

القائد : قل له يتفضل. ( يخرج الجندي ) أما أنت يا أبيل ، أجل مسألة عرض الأسماء علي لحين خروج العميل 16.

أبيل : كما تشاء سيدي القائد



يدخل العميل 16 وهو متنكر في زي النساء. يرتدي جلبابا و يخفي ملامح وجهه بنقاب.





القائد : مرحبا بالعزيز مروان. كيف حالك؟

مروان ( ينزع عن وجهه النقاب ) : بخير يا سيدي القائد ما دام سيدي القائد بخير.



القائد ( مخاطبا أبيل ) : أتركنا الآن يا أبيل و اهتم بالأمر الذي كلفتك به.

أبيل : حاضر سيدي.



يخرج أبيل





القائد ( يبتسم ) : ألم تجد طريقة مبتكرة أخرى سوى ارتداء ملابس زوجتك؟

مروان ( يبتسم ) : هذا أفضل تنكر لمقابلتك.

القائد ( بجدية ) : قل لي يا مروان: ماذا وراءك؟

مروان : لقد اجتمعنا في الكهف كما سبق و أن أخبرتك و ظهرت معلومات جديدة.

القائد : أطلعني ما هذه الأخبار التي لديك.

مروان ( متردد )

القائد : تحدث بسرعة يا هذا. و لا تحمل هما للنقود. سأجزل العطاء إذا كانت المعلومات مهمة.

مروان ( ابتسامة نصر ترتسم على شفتيه ) : أنا متأكد أنها مهمة. هناك خائن بين جنودك يا سيدي .

القائد ( مستغرب ) : خائن بين جنودي؟ أفصح عما تريد قوله.

مروان : لقد أخبرنا أيمن أمس في الاجتماع أنه سيشتري العتاد العسكري من جندي لديك مستعد لبيعه للمقاومة مقابل المال.

القائد : ما هذا التخريف؟؟ جندي من جنودي يسرق عتادي أنا ليبيعه للعناصر التي تسمي نفسها مقاومة؟

مروان : أجل يا سيدي. و قد أطلعنا أيمن أيضا انه سيحاول تجنيد هذا الجندي لصالحنا... أقصد لصالح المقاومة.

القائد ( غاضبا ) : الويل لهذا الجندي الحقير. سوف أقتله و أعلق جثته على مدخل المعسكر كي يكون عبرة لكل من تسول له نفسه أن يخونني.... قل لي يا مروان ، ما اسم هذا الجندي الخائن؟

مروان ( مرتبك ) : في الحقيقة لم أعرف اسمه بعد.... و لكن سوف اعرف خلال ....

القائد ( مقاطعا. يصرخ ) : متى تعرف؟؟ حتى يتم استنزاف مئونتنا من العتاد العسكري؟

مروان : هدئ من روعك يا سيدي القائد. أقسم أني سأبذل كل ما لدي من جهد لأعرف اسم الجندي و آتيك به. ولكن يلزمني شيء من الوقت.... يجب أن لا أثير انتباه صالح أو أيمن أو أي أحد من أفراد المقاومة.

القائد ( يزفر بصوت مسموع ) : صدقت صدقت. يجب أن أتحلى بالصبر..... هل من أخبار أخرى سمعتها في اجتماع أمس؟

مروان : ابنة أخت صالح ستقيم حفل زفافها بعد شهر و طلب مني أن تكون زوجتي هي طباخة العرس. هل أوافق يا سيدي؟

القائد : لا ضرر في ذلك. وافق على إرسال زوجتك....هل من أخبار أخرى؟

مروان ( متردد ) : ..... في الحقيقة يا سيدي، قمت بمبادرة فردية أرجو أن تلقى الاستحسان لديك.

القائد : تكلم يا مروان.

مروان : لقد كذبت على صالح و قلت له أن محمود بائع الثياب المتجول يعمل لحسابكم.

القائد ( مستغربا ) : محمود بائع الثياب المتجول؟؟ ولكنه ليس عميلا لدينا.

مروان : أعلم ذلك يا سيدي. ولكنني قلت ذلك حتى تتركز الأنظار على محمود و أستطيع التنقل و القيام بالاستطلاع دون أن أثير الشبهات حولي . تعرف انه منذ تم القبض على الشخص الذي كان يعمل لديكم كجاسوس بدأت عناصر المقاومة تشك في كل المواطنين.

القائد : وقد اخترت محمودا هذا لكونه يستطيع التجول بحرية في كل المناطق و الأحياء. بما فيها ثكنتنا العسكرية هذه؟

مروان ( ابتسامة نصر على شفتيه ) : أجل يا سيدي.

القائد ( غاضبا ) : و من سمح لك باقتراح هذا الشخص دون استشارتي أو موافقتي؟

مروان ( مرعوب ) : لقد فكرت أن....

القائد ( يضرب المكتب بقبضة يده اليمنى ) : ألم أقل لك أيها الغبي أن تدع التفكير لي؟ أنت واجب عليك التنفيذ فقط. لا التفكير.

مروان : آآ..... آسف سيدي.

القائد : أنا اعرف جيدا ما يدور في خلدك : إنها عقدتك النفسية التي تسمى ٌ عقدة أيمن. ً أنت تغار من ذكاءه المتقد و تحاول أن تثبت لنفسك بأنك على مستوى ذكاء أيمن أو ربما تفوقه ذكاءا... وهذا شيء غير صحيح.

مروان ( ينظر إلى الأرض في صمت )

القائد : لكم تمنيت أن يكون أيمن بجانبنا. فبفضل ذكائه يستطيع تحقيق المعجزات.... و أنا جد مرعوب من المشروع الذي سيقدم عليه.

مروان : أي مشروع سيقدم عليه مروان يا سيدي؟

القائد : الم تخبرني للتو أنه يخطط لتجنيد أحد جنودنا لصالحهم؟

مروان : آه... تقصد هذا الموضوع؟

القائد : لو أن أي شخص كان سيقوم بذلك لشككت في نسبة نجاحه. أما و أن أيمن هو من سيخطط و ينفد ، فذالك يدعو للقلق و الحذر و اكتشاف هوية الجندي الخائن سريعا.

مروان : أعدك يا سيدي القائد أن أبذل كل جهدي لآتيك باسم ذلك الجندي الخائن.

القائد ( بعد صمت قصير ) : هل لديك أخبار أخرى؟

مروان : لا يا سيدي. كل ما لدي قلته لك.

القائد : يمكنك إذا الانصراف. أنا في حاجة للتفكير .

مروان : و أين مكافئتي يا سيدي؟

القائد : مكافئتك ستحصل عليها يوم تأتيني باسم ذلك الجندي الخائن.

مروان : ..... كما تشاء سيدي. ..... عن إذنك سيدي. ( يضع النقاب على وجهه و يهم بالانصراف )

القائد : مروان . انتظر لحظة.



يقترب مروان من القائد. ينزع النقاب عن وجهه المبتسم و يمد يده أمامه.



القائد ( ينظر إلى يد مروان الممدودة ) : نادي عليك لسبب غير إعطاءك النقود.

مروان ( الخيبة ترتسم على ملامح وجهه ) : أنا تحت أمرك.

القائد : لقد قالت لي زوجتي أن زوجتك طباخة ماهرة. هل هي كذلك؟

مروان : هي أفضل طباخة في المدينة بأسرها. و ليست هناك امرأة تضاهيها مهارة أو تدعي أنها تستطيع منافستها.

القائد : ممتاز. ... سأقيم حفلة بمناسبة الذكرى المئوية لقيام جمهوريتنا. و أريد من زوجتك أن تتكفل بإعداد الحلويات و الطعام للحفلة.

مروان : زوجتي رهن إشارتك يا سيدي متى تشاء. قل لي فقط موعد الحفل.

القائد : يوم الخميس. أي بعد أربعة أيام.

مروان : ستكون زوجتي في بيتك متى تشاء.

القائد : أرسلها لبيتي في الغد كي تبدأ في إعداد الحلويات و تعطي زوجتي قائمة بكل ما يلزمها من مقادير.

مروان : ستكون زوجتي ببيتك منذ الصباح الباكر.

القائد ( يدخل يده في جيب سترته و يخرج نقودا . يقوم بعدها و يعطي جزءا منها لمروان) : خد هذا المبلغ الآن لمجهودك و المعلومات التي نقلت لي. و لك جائزة كبرى متى جئتني باسم الجندي الخائن في جيشي.

مروان ( يحدق في النقود مسرورا ) : اطمئن يا سيدي. سآتيك بالاسم قريبا جدا.

القائد : انصرف الآن . أريد أن أخلو بنفسي.

مروان : حاضر يا سيدي.



يضع مروان النقاب على وجهه و يخرج.

يبقى القائد وحيدا و هو غارق في التفكير.

بعد لحظات، يخرج هو الآخر من المكتب









المشهد الثالث









في بيت مروان.

يدخل مروان وهو متخفي في زي النساء.

بمجرد أن يغلق باب المنزل، ينزع عن وجهه النقاب و يخلع الجلباب و يقذف بهم فوق أريكة.

تدخل زوجته إيمان وهي تتثاءب



مروان : الم تنامي بعد يا إيمان؟

إيمان ( متجاهلة سؤال مروان ) : هل أعطاك القائد مالا؟

مروان : ليس بعد. قلت له الاحتفاظ به لغاية انتهاء مهمتي.

إيمان : وماذا كان رأيه بخصوص تلفيق تهمة التجسس لمحمود؟

مروان ( يتفادى النظر إلى وجه إيمان ) : أعجب بالفكرة كثيرا و قال لي انها ما كانت لتخطر على باله أبدا.

إيمان : لقد قلت لك أنها فكرة عبقرية يا زوجي الحبيب. أنا جد فخورة بك..... ولكن، كان لزاما عليه أن يجازيك على فكرتك العبقرية.

مروان : سأنال جزائي إن عاجلا أم آجلا. اطمئني يا إيمان. تعرفين أن القائد لا يمكنه الاستغناء عني و عن أفكاري النيرة.

أيمان : أنا واثقة من ذلك... ( تتثاءب ) سوف أذهب لنوم. لقد كان يومي شاقا و متعبا.

مروان : انتظري يا إيمان.... لم تخبريني ماذا قال الطبيب بخصوص الحمل.

إيمان ( بعد صمت قصير ) : كما في المرتين السابقتين. كان حملا كاذبا.

مروان : ألم يحن الوقت بعد ليكون لدينا أطفال؟ لقد مضى على زواجنا خمس سنوات و أنا جد متلهف لولد يحمل اسم العائلة من بعدي.

إيمان : تلك مسألة ليست بيدي أو بيدك. تلك أقدار و أرزاق.

مروان : أعرف أعرف....أتدرين يا إيمان. كلما رأيت أما أو أبا برفقة أبنائه إلا و أحسست بنقص شديد .

إيمان: أنا مثلك جد متلهفة لحمل طفلي بين ذراعي و مداعبته....ولكن..... المهم. يجب أن اذهب للنوم. أنا جد متعبة.

مروان : ما بك يا امرأة؟ لا تفكرين إلا في النوم؟ امكثي قليلا. فلدي أشياء أود مناقشتها معك.

إيمان : ألا يمكن لهذه الأشياء أن تنتظر صباح الغد؟ أنا جد متعبة و لن استطيع....

مروان ( مقاطعا إيمان) : قال لي القائد أنه يود إقامة مأدبة عشاء على شرف كبار ضباط و قادة الجيش بمناسبة الذكرى المئوية لإعلان جمهوريتهم.

إيمان : وهل نحن أيضا من بين المدعوين؟

مروان : اعقلي يا امرأة. نحن مجرد فقراء يعيشون تحت الاحتلال ، و أنا لست بضابط أو قائد أو لواء بالجيش..... ما أريد إيصاله لك، هو أن القائد يطلب منك التكفل بكل ما يخص هذه المأدبة و تحضير الطعام له و لمدعوييه.

إيمان: أنا لن أقبل بالعمل لديه.

مروان : ماذا تقولين؟ لن تقبلي؟ هل تريدين إثارة غضب القائد علي؟؟

إيمان : في المرة السابقة التي قمت فيها بإعداد الطعام لزوجة القائد ، جرحت كرامتي بكلماتها السامة و بشتمها لشعبنا و حضارتنا و عاداتنا. و لم أستطع كبث رغبة خنقها بيدي إلا بمشقة الأنفس لأنني أعرف أن انتقام القائد سيكون شديدا و شديدا جدا. و ربما يكلفني حياتي.

مروان : ذلك ماض ولى. و لقد شكرك القائد كثيرا و هو يطلبك شخصيا لسماعه عن مدى مهارتك في الطبخ.

إيمان: ليبحث له عن امرأة أخرى. هناك العديد من الطباخات في المدينة غيري.

مروان : لا تنسي أنه سيجزل العطاء إذا نجحت المأدبة.

إيمان : كرامتي و عزة نفسي أغلى عندي من مال قارون. لن أستطيع سماع بلدي يهان بحضوري و أظل كالجماد لا أثور.

مروان : بل سوف تتحملين و تقومين بالمهمة. هل تسمعين؟ هل تريدين من القائد أن يغضب مني؟

إيمان ( تحدق في مروان في صمت )

مروان ( يمسك بيدها اليمنى و يقبل يدها بحب ) : أرجوك يا حبيبتي. تعرفين أن رغبات القائد أوامر و لا أحد يستطيع رفض طلب له. و تعرفين أيضا أنني لن أقوى على مواجهته و إبلاغه رفضك. لو فعلت ذلك لأنتقم مني شر انتقام. هل ترضين لزوجك مروان أن يصيبه مكروه؟

إيمان ( دائما تحدق في مروان في صمت وهي تفكر )

مروان : قولي نعم يا حبيبتي. فبقبولك سوف تفتح لنا أبواب السعادة و سيكون القائد سخيا جدا معنا. قولي نعم أرجوك.

إيمان : من هم المدعوون إلى هذه الحفلة؟

مروان : كبار قادة و ضباط الجيش. فالمناسبة جد مهمة بالنسبة لهم.

إيمان : ومتى موعد هذه المأدبة؟

مروان : يوم الخميس. و لكن القائد طلب مني أن أخبرك أن تذهبي لبيته غدا لشراء كل ما تحتاجين له.

إيمان : هل أنت متأكد أن القائد سيكون سخيا معي من الناحية المادية؟

مروان : أنا متأكد من ذلك. هل افهم أنك موافقة؟

إيمان ( ترتسم ابتسامة على شفتيها ) : من أجل المال و من أجلك أنت يا حبيبي ، أتحمل شتائم العالم بأسره.

مروان : كم أحبك يا حبيبتي. أنا جد سعيد لكوني زوجك..... هيا نخلد للنوم. فغدا سيكون حافلا بالنسبة لك.



يخرج مروان و إيمان.





المشهد الرابع







دائما في بيت مروان

يسمع طرق متواصل على الباب

يظهر مروان بملابس النوم و قد ثم إيقاظه من نوم عميق



مروان ( يقترب من الباب) : من الطارق؟

صوت صالح من خلف الباب : افتح الباب يا مروان. ألا تزال نائما يا بطل؟

مروان ( يفتح الباب و يدخل صالح و علامات الفرح و الغبطة بادية عليه ) : ماذا هناك يا صالح؟

صالح ( يحضن مروان كأنما لم يلتقي به منذ عشرين سنة ) : أحييك يا بطل يا زوج البطلة. الأعمال البطولية لا يمكنها أن تصدر إلا منك و من عائلتك.

مروان ( ينفلت من ذراعي صالح ) : ما قصدك بالبطل و زوج البطلة؟ و عن أي أعمال تتحدث؟

صالح: ألم تصلك الأخبار بعد؟ فبينما أنت تغط في نوم عميق، كانت الاحتفالات نقام على شرف زوجتك البطلة إيمان.

مروان ( مستغربا ) : زوجتي؟؟؟ بطلة؟؟؟ ماذا تقصد بكلامك هذا يا صالح؟ أشرح لي .

صالح : لا حديث للمدينة بأسرها هذا الصباح إلا عن بطولة زوجتك إيمان و العمل الجهادي الكبير الذي قامت به في سبيل تحرير الوطن.

مروان : أرجوك يا صالح أن تشرح لي معنى كلامك. ما هو العمل البطولي الذي قامت به زوجتي و الذي يستدعي أن تحتفل بها المدينة بأسرها و يطلق عليها لقب بطلة. زوجتي مجرد طباخة عادية لا غير.

صالح : يبدو انك آخر من يعلم. .... لكن لا بأس. سأشرح لك القصة من حيث أنهيت كلامك.

مروان : ماذا تقصد؟

صالح : زوجتك و كما هو معروف تتقن مهنة الطبخ و لا يمكن أن يقام عرس أو احتفال أو مأدبة إلا و كان حضورها ضروريا.

مروان : هذه المعلومة أعرفها جيدا. أخبرني بما لا أعرف.

صالح : حاضر يا مروان. ألم تكن زوجتك أمس في المأدبة التي أقامها القائد العام لضباط و قادة الجيش المحتل؟

مروان : بلى. و لم تكن راضيا على ذلك منذ علمك بالخبر.

صالح : أجل أجل . لم أكن راضيا. فأنا مواطن غيور على إخواني و أخواتي و لن أرضى أن يشتغل أحد عند الجيش المحتل. .... المهم، قامت إيمان بإعداد عدة أصناف مما لذ و طاب من الطعام و الشراب.

مروان : و ماذا بعد دلك؟

صالح ( ينظر إلى مروان في صمت للحظات )

مروان : ما بك توقفت عن الكلام و تحدق بي؟

صالح : أستحلفك بالله يا مروان أن تقول لي الحقيقة : أليس أنت من اقترح على إيمان القيام بذلك العمل البطولي في سبيل تحرير الوطن؟ فانا أعرف حبك للوطن و مدى استعدادك للتضحية بالغالي و النفيس في سبيل طرد الجيش المحتل الغاصب عن كل شبر من بلدنا الحبيب.

مروان : أنا لم اطلب من إيمان أي شيء..... ولكن أخبرني ماذا فعلت إيمان. لقد نفذ صبري.

صالح: حاضر يا بطل يا زوج البطلة. إيمان قامت بتحضير الطعام كما أمرها القائد العام. ولكنها كانت تعد له مفاجئة كبيرة.

مروان : أي مفاجئة؟ تحدث بسرعة و كفاك تلاعبا بأعصابي.

صالح : المفاجأة أنها وضعت سما في الطعام.

مروان ( فاغرا فاه ) : سم؟؟؟؟ سم في طعام القائد العام لقوات الجيش؟

صالح ( يبتسم ) : فكرة لم تخطر على بال أحد. و قد كان عدد ضحايا العمل البطولي لإيمان سبعة عشرة شخصا من كبار و خيرة قادة الجيش المحتل.

مروان ( غير مصدقا لما يسمع ) : سبعة عشرة شخصا؟؟؟

صالح ( يهز رأسه موافقا ) : و تسعة من نسائهم.

مروان ( يعد الضحايا بأصابعه ) : ستة و عشرون قتيلا في المجموع؟

صالح : و كان ضمن القتلى عدونا اللدود القائد العام لقوات جيش الاحتلال.

مروان : ماذا؟؟؟؟ هل.... هل قتل قائد جيش الاحتلال ؟؟؟ على يد زوجتي؟

صالح : ألم أقل لك أن إيمان بطلة و تستحق أن يحتفي بعملها البطولي في كل مدن البلاد. لكم خططنا لقتل هذا القائد اللعين و كم أضعنا وقتنا و جهدنا للإعداد لخطط باءت كلها بالفشل. و دون أي سابق إنذار، استطاعت زوجتك البطلة في أول فرصة أتيحت لها من تخليص البلاد كافة من شر ذلك القائد اللعين. إنها فعلا بطلة.

مروان : لم تخبرني بشيء مهم : هل نجت إيمان بفعلتها أم .... قبض عليها؟

صالح ( ينظر إلى الأرض في صمت )

مروان : ما بك؟ لمادا هدا الصمت؟

صالح : لقد ...... لقد استشهدت إيمان و هي تحاول الفرار بعد أن اكتشف أمرها.

مروان : ماذا؟؟ استشهدت؟؟؟

صالح : إياك و البكاء يا مروان. ما قامت به إيمان لا يستحق البكاء. بل يرفع رأسك عاليا. إن ما قامت به عمل عجز عنه الرجال الذين يفتخرون بتفوقهم الجسمي و العقلي على النساء.

مروان : إن إيمان ليست أول امرأة أو آخر امرأة تقوم بالجهاد في سبيل وطنها و في سبيل حرية أولادها و إخوانها و أخواتها.

صالح : المهم الآن ، يجب أن تقوم بتغيير ملابسك و تحضر معي الاحتفالات المقامة على شرف زوجتك إيمان البطلة زوجة البطل مروان المجاهد في صفوف المقاومة. كل أهل المدينة يودون تهنئتك بهذا العمل الجبار. لقد تخلصت إيمان من رؤوس قيادة الاستعمار.

مروان : هذا لا يعني أنها تخلصت من الاستعمار و حررت البلاد.

صالح : أعرف ذلك. لتكن إيمان إذا قدوة لآخرين و أخريات من أبناء هذا الوطن ليقوموا بأعمال تقرب البلاد إلى ضفة التحرر و الانعتاق من أغلال الاستعمار.

مروان : انتظرني في الخارج إذا يا صالح. أريد المشاركة في الاحتفالات بعمل إيمان و لكن يجب علي تغيير ملابسي.

صالح : معك حق. سأنتظر في الخارج.



يخرج صالح

مروان ( يحدث نفسه ) : ما هذا الذي أسمع؟ زوجتي بطلة مقاومة؟؟ و لكنها مجرد طباخة لا علاقة لها بالمقاومة لا من قريب و لا من بعيد. أضف إلى هذا أنها كانت مناصرة لما أقوم به من نقل للمعلومات لقائد جيش الاحتلال مقابل المال. لقد كان المال أهم شيء لدي و لديها و ما كنت لأقوم بما قمت به لولا المال. كل ما يهمني و إيمان من هذا الاستعمار هو الاستفادة ماديا فقط....... و لكن ، كيف يعقل أن تقوم إيمان بهذا العمل البطولي؟ منذ متى استيقظت روحها الوطنية و بدأت تفكر في مقاومة الاحتلال؟ أسئلة كثيرة لا أجد لها إجابة..... ( يسمع طرق في الباب ) إن صالح يستعجلني. سأذهب لأغير ملابسي و أحاول إيجاد إجابات لأسئلتي فيما بعد.



يخرج مروان















المشهد الخامس







يدخل مروان و سعيدة



مروان : تفضلي بالدخول يا سعيدة. منذ متى و أنت منتظرة أمام الباب ؟

سعيدة : ساعة و نصف تقريبا.

مروان : ياااه.... كل هذا الوقت؟ أنا جد آسف لتأخري. إن العمل البطولي الذي قامت به أختك إيمان أثار فرحة عارمة في كل أرجاء المدينة و البلد و أصاب المحتل بصفعة قوية زلزلت كيانه. و بما أن إيمان رزقت الشهادة ، فسكان المدينة يعبرون لي أنا زوجها عن مدى فرحهم و افتخارهم بعملها الجهادي.

سعيدة : هل صحيح ما يقال أنها قتلت أربعين من جيش الأعداء دفعة واحدة؟

مروان ( يبتسم ) : يبدو أن كل يحكي القصة على هواه. و لن أستغرب إن قيل لي بعد أيام أن إيمان قتلت جيشا من الجنود لوحدها.

سعيدة : كم قتلت إذا؟

مروان : قتلت ستة وعشرون شخصا. و لكن كلهم ذوي رتب عالية في جيش المحتل. فيكفينا فخرا أن إيمان قطعت رأس الحية. أقصد القائد العام لقوات الاحتلال.

سعيدة : وهل صحيح ما يقال بأن إيمان كانت تقود خلية سرية للمقاومين؟

مروان ( يبتسم ) : إيمان كانت امرأة عادية لا علاقة لها بالجهاد أو المقاومة لا من قريب أو بعيد. و لكن العمل الخرافي الذي قامت به هو الذي خلق منها أسطورة تحاك حولها الأساطير. ..... و لكن يا سعيدة ، لم تخبريني سبب تشريفك لي؟ لا أظن انه هو مجرد التحقق مما يقال حول العمل الجهادي لأيمان؟

سعيدة : آه... كدت أنسى. ( تخرج رسالة من جيب جلبابها ) لقد زارتني إيمان يوم الثلاثاء، أي يومين قبل استشهادها و تركت لي رسالة أمرتني أن أعطيها لك. وعند سؤالها ما الذي يمنعها من إعطاءك إياها يدا بيد ، كذبت علي قائلة أنها ستكون في سفر لعيادة إحدى صديقاتها التي ألم بها مرض مفاجئ.

مروان ( مستغرب ) : رسالة؟؟ أية رسالة؟؟

سعيدة ( تعطيه الرسالة ) : خد واقرأ بنفسك ( يأخذ مروان الرسالة ) ..... لقد آن الأوان لعودتي لبيتي. إلى اللقاء يا زوج البطلة.

مروان : ألن تمكثي قليلا بعد؟

سعيدة : يجب أن أذهب. تعلم أن الوقت متأخر و بعد ساعة من الآن سيعلن جيش الاحتلال حظر التجوال. إلى اللقاء يا مروان.

مروان : إلى اللقاء. و أرجوك أن تبلغي تحياتي لزوجك.



تخرج سعيدة

يمزق مروان المظروف و يخرج الرسالة و يبدأ في قراءتها. يسمع في المسرح صوت إيمان و كأنما تخاطب مروان.



صوت إيمان : " مروان ، إذا وصلتك رسالتي هاته فذلك يعني شيئا واحدا : إنني فزت بالشهادة التي أطمح لها. قد تستغرب مغزى كتابة هذه الرسالة. سأشرح لك و ستفهم كل شيء. أول شيء أريدك أن تعرفه هو أنني كنت أكرهك لدرجة لا يمكنك تصورها. "

مروان ( مستغرب ) : ماذا؟؟؟ تكرهني؟؟؟ ما هذا التخريف؟ كل تصرفاتها كانت تقول عكس كلامها المكتوب في الرسالة. و لكن، هل فعلا إيمان هي صاحبة الرسالة ؟ ( يدقق في الخط ) هذا فعلا خط يدها...... ما معنى هذا الكلام إذا؟ يجب علي متابعة قراءة الرسالة لأفهم كل شيء. ( يقرأ الرسالة )

صوت إيمان : " أجل. أنت من أحقر و أخس و أجبن البشر الذين عرفتهم. انك و بكل اختصار نذل حقير و خائن لا تستحق العيش فوق هذه الأرض الطيبة التي وهبت أبنائها قرابين للحرية و الاستقلال. لا يحق لك أن تأكل من خيراتها أو حتى استنشاق هواءها الطاهر. كل ما تستحقه هو الشنق و أن تعلق جثتك على منصة في مدخل المدينة لتكون عبرة لكل شخص يفكر في خيانة وطنه. هل كنت تعتقد أيها الحقير أنني أسير على نهجك؟ بل كل ما كنت أفعله هو تمثيل دور الزوجة المخلصة و المحبة لزوجها و التي لا تفكر إلا في المال الوفير الذي يجنيه زوجها جراء خيانته أصدقاءه الشرفاء المقاومين. لكم تمنيت أن أبلغ عنك صالحا أو أيمن أو أي شخص من أفراد الخلية السرية التي تنتمي إليها. و لكن كنت أقول دائما لنفسي أن ألعب لعبتك و أجاريك في خيانتك. فكما كنت تأخذ المعلومات من المقاومين الأحرار و تبلغ القائد اللعين عن خطط فرقة المقاومة ، كنت أسمع و أحفظ المعلومات التي تنقلها لي عن تحركات جيش الاحتلال . كنت دائما أحاول إيجاد شيء مفيد يمكن استخدامه حتى أساهم بدوري – و لو بشيء بسيط – في التقدم خطوة نحو التحرير النهائي و الاستقلال الذي يصبو له كل مواطن حر في هذه البلاد الحبيبة. "

مروان : كنت تمثلين؟؟ يمكن أن أقول انك أبرع ممثلة رأيتها في حياتي. كل كلامك أو تحركاتك لم تثر الشك في نفسي. انك أثبتي لي أنك مواطنة من الطراز الأول لا تستحق العيش إلى جانبي أنا الخائن و الجاسوس و العميل للمحتل...... لأتابع القراءة.

صوت إيمان : " و جاءت الفرصة حين أخبرتني أن القائد العام سيقيم حفلة على شرف كبار ضباط جيشه . رفضت في البداية و ببساطة لأني كنت أكره التواجد في عقر دار محتل وطني و قاتل شباب و رجال و نساء أمتي..... و لكن بعد تفكير قصير ، قلت لنفسي أن الفرصة التي طالما صبرت من أجلها قد هلت و حانت. و أن فرصة مساهمتي في العملية الجهادية لتحرير وطني من مخالب الاستعمار أهديت لي على طبق من ذهب. فكرت في تجهيز طعام القائد و ضيوفه و وضع سم قاتل ضمن لائحة مقادير الطعام. ما أرجوه من كل قلبي أن يؤتي عملي و تخطيطي ثماره و أخلص وطني الحبيب العزيز على قلبي من ذلك القائد المجرم. أما أنت أيها الخائن ، فأقول لك كلمة واحدة : تفو عليك أيها الخائن. تفو عليك. ملاحظة أخيرة : لقد كتبت رسالة إلى صالح أكشف له فيها عن وجهك الحقيقي أيها الحقير. استعد يا جاسوس و الخائن ، جهنم فتحت أبوابها لاستقبالك "

مروان ( مرعوب. تسقط الرسالة من بين يديه ) : ماذا؟؟؟ أبلغت صالح عن وجهي الحقيقي؟؟؟ يعني أنه قادم إلى هنا بمجرد قراءة رسالة إيمان. ما العمل؟ يجب أن أهرب و أنفذ بجلدي. و لكن أين المفر؟ فالكل في المدينة و البلاد يعرفني و أصبحت أشهر شخص في المدينة بعد الذي قامت به إيمان. يجب أن أهرب و أهاجر خارج البلاد ..... . ما الذي أفعله؟ هل هذا وقت الكلام و الثرثرة؟ يجب أن أهرب. و بسرعة.



يسمع طرق قوي على الباب وكأنما شخص أو أشخاص يحاولون تكسير الباب.



مروان : يا الاهي . لقد أتى صالح و أفراد المقاومة للانتقام مني.



يكسر الباب و يدخل خمسة من جنود الاحتلال. يحيطون بمروان من كل جانب مصوبين بنادقهم في اتجاه رأسه. يدخل أبيل.



أبيل : مرحبا بجاسوس المقاومة. هل كنت تنوي الهرب أم ماذا؟

مروان ( مذعور ) : سيدي أبيل. ( يحاول الابتسام ) جئت في وقتك يا سيدي.... لقد عرف عناصر فرقة المقاومة بأنني عميل لديكم و هم قادمون لا محالة لقتلي. إني أطلب حمايتكم يا سيدي.

أبيل ( بسخرية ) : حمايتنا؟

مروان : اجل يا سيدي. حمايتكم.

أبيل : أتطلب حمايتنا بعد ذلك العمل الشنيع الذي قمت به أنت و زوجتك الملعونة؟

مروان : أقسم يا سيدي أنني لم أقم بشيء. لقد قامت بفعلتها دون استشارتي. و لو أنها أخبرتني بما ستقوم به لقتلتها بيدي هاتين.

أبيل : أتحاول الاستخفاف بي أم ماذا؟ من سهل دخولها لبيت القائد العام؟ أليس أنت؟

مروان : أقسم أنه لست أنا. بل القائد العام هو الذي.....

أبيل ( غاضبا ) : أخرس أيها العميل المزدوج. لقد انكشف أمرك ، ولكن بعد فوات الأوان و بعد أن قتلت زوجتك خيرة رجال الجيش.

مروان ( مستغرب ) : أنا عميل مزدوج؟؟ أقسم أنني كنت أخدمكم بكل تفان و إخلاص. أقسم أنني كنت مخلصا للقائد العام و أنني كنت أزوده بكل المعلومات التي أحصل عليها.

أبيل : هل تعتقد أنني غبي يمكن أن أصدقك؟ أو أن أصدق أن ما قامت به زوجتك هو من تدبير شخص واحد؟ انه عمل مدبر من قبل مجموعة لا فرد.

مروان : أقسم يا سيدي أن....

أبيل ( مقاطعا ) : كفاني ثرثرة. كل الحقائق تقول أنك كنت خائنا لنا و أنك كنت عميلا مزدوجا للمقاومة.

مروان : ولكن يا سيدي. أنا.....أنا....

أبيل : تفو عليك أيها الحقير. تفو عليك ..... و الآن جاء وقت الإعدام. ( يخاطب الجنود ) أيها الجنود، استعداد.

مروان ( يجثو على ركبتيه ) : أتوسل إليك يا سيدي. إن زوجتي الملعونة هي التي....

أبيل ( لا يكترث لكلام مروان ) : أطلقوا النار على هذا الخائن الحقير.

مروان ( يصرخ ) : لالالالالالالالالالالالالا.......
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مسرحية توقف بوصلة بقلم عبدالكريم وحمان
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى راس الوادي :: الموسيقى و المسرح-
انتقل الى: